[center]
جاء في كتاب**التحذير من الاغترار بما جاء في كتاب الحوار**تأليف السيدين العلمين:الشيخ عبد الحي العمراوي و الشيخ عبد الكريم مراد رضي الله عنهما:**إننا متألمون من التهجم على السادة الصوفية و لو أن بعض هؤلاء قد يبالغ أحيانا في بعض المواقف المعينة,فالجميع يعلم أن للصوفية الفضل الكبير في نشر الدعوة الإسلامية من مجاهل إفريقيا و آسيا,و لهم الفضل الكبير أيضا في المرابطة في سبيل الله,و بذل أنفسهم,و مساهمتهم في معارك البطولة و الاستشهاد.يعرف هذا كل من يطلع على //تاريخ رجال التصوف و الزاوية// و مازالت الأكثرية من المسيحيين في العالم الأوروبي و الأمريكي يعتنقون الإسلام على يد رجال التصوف,إلى أن قال**و من معاني التصوف قال الشيخ الطيب بن كيران في شرح الحكم,بعد الكلام السابق,فمن أنكر التصوف فقد أنكر جزءا من أجزاء الدين المدلول عليه بالإحسان.
و الذين يقولون أن التصوف محدث لم يكن على عهد الرسول و الصحابة هم مكابرون أو جاهلون بمعاني التصوف الذي كان عليه الصحابة رضي الله عنهم.ألم يتصف الصحابة بالآداب في معاملاتهم مع الخالق و المخلوق.؟ألم يكونوا في غاية البذل و السخاء و الصفح و بذل الأنفس و الأموال في ذات الله,ألم يكونوا موصوفين بالاستحياء من اله حق الحياء و مراقبة الله في السر و العلن و التزاور في الله,و التحابب في الله,و التهادي في الله,و التصادق في الله,و التباذل في الله,و الرحمة فيما بينهم.ألم يقل الله فيهم**تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا و طمعا و مما رزقناهم ينفقون**,ألم يصفهم القرآن بقوله**و إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق**,و هذه هي أخلاق الصوفية,وهذا هو منحاهم...الخ.
و قال قبل ذلك في **التحذير من الاغترار**:--و من المعروف أن الدين الذي كلف الله عباده به و أمرهم بالتعبد به هو مجموع ثلاثة أشياء الإيمان والإسلام الإحسان. يقول النبي بعد أن بين لجبريل الثلاثة**هذا جبريل جاء يعلمكم دينكم**,و الحديث رواه البخاري و مسلم رضي الله عنهما:-- فسمى الرسول الإيمان و الإسلام و الإحسان دينا فكما يطلب من العبد التصديق بالله و رسوله و بما جاء به عن الله و هو المسمى بالإيمان,و كما يطلب من العبد أيضا القيام بالأعمال المتعبد بها قوليه و فعلية و مركبة منهما كالصلاة,بدنية و مالية و مركبة منهما كالحج و الجهاد و هو المسمى بالإسلام,يطالب العبد بالآداب اللائقة بالعبودية بين يدي مولاه سبحانه,وهي أخلاقه التي كان يتخلق بها مع الخالق و مخلوقاته و هو المسمى بالإحسان.و العلم المتكفل ببيان المعتقدات هو علم أصول الدين,والعلم المتكفل ببيان العمليات هو علم الفقه,والعلم المتكفل ببيان الآداب هو علم التصوف,فلا غنى للمكلف عن العلوم الثلاثة,و لا يكمل دين العبد إلا بالجرى على مقتضاها,فظهر من هذا أن علم التصوف هو العلم الباحث عن الآداب اللائقة بالعبد بين يدي ربه.إلى أن قال:--فإن قال المنكرون أن علم التصوف محدث لم يكن على عهد الرسول و التابعين,قلنا لهم إن معانيه و أخلاقه كانت,غير أنها لم تكن تسمى بهذا الاسم,فالذي أحدث هو الاسم فقط لا المعنى.و كثيرا من العلوم أحدثت و لم تكن على عهد الرسول و لا عهد الصحابة كعلم الأصول و علم الكلام و علم مصطلح الحديث و آداب الجدل و المناظرة أيستطيع أحد أن ينكرها أو يقول أنها من البدع المحرمة و نحن ننصح هؤلاء المنكرين و شيعتهم بأن يتخلقوا بأخلاق السادة الصوفية التي هي أخلاق القرآن و السنة و أخلاق الرسول و الصحابة و السلف الصالح فلو فعلوا ذلك لصفت قلوبهم من الأحقاد و طهرت ألسنتهم من الاسواء و كفت أقلامهم على اللغو و زكت أخلاقهم بالمعرفة و اشتغلوا بإصلاح عيوبهم عوضا عن اختلاق العيوب و إلصاقها بإخوانهم المؤمنين.