نبذة عن حياة الشيخ سيدى احمد التجانى (رضى الله عنه)

سيدي أحمد بن محمد التجاني رضي الله عنه وأرضاه
اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلي صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم .
اللهم صل وسلم على عين الرحمة الربانية والياقوتة المتحققة الحائطة بمركز الفهوم والمعاني ونور الأكوان المتكونة الآدمي صاحب الحق الرباني البرق الأسطع بمزون الأرباح المالئة لكل متعرض من البحور والأواني ونورك اللامع الذي ملأت به كونك الحائط بأمكنة المكاني اللهم صل وسلم على عين الحق التي تتجلى منها عروش الحقائق عين المعارف الأقوم صراطك التام الأسقم اللهم صل وسلم على طلعة الحق بالحق الكنز الأعظم إفاضتك منك إليك إحاطة النور المطلسم صلي الله عليه وعلى آله صلاة تعرفنا بها إياه .
وبعد ،،،
مستمدا من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم العون والتأييد والتوفيق والرشد والتسديد وبإمداد من صاحب الحضرة الكتمية الختمية أستاذنا وقدوتنا سيدي الشيخ أحمد بن محمد التجاني رضي الله عنه وأرضاه نورد من محتد أم الفيض الأحدي الأوحدي هذا التعريف به رضي الله عنه فأقول الحمد لله الذي خص أولياءه بالمعارف والأسرار من بين خليقته وأمنهم في كتابه المكنون فقال ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) وجعل التعلق بأهل الله واللياذ بجنابهم والإنحياش إليهم والوقوف بأبوابهم تعلق ولياذ بجنابه الكريم و انحياش ووقوف ببابه العظيم ، وأعلموا أيها الأحباب التجانيين أن من لم يعرف والده في الطريق أو تولى غير مواليه فهو دعي على التحقيق ، فلا بد من معرفة هذا النسب لكونه أحق وحقه آكد وأوجب من كل نسب للتجاني لذا نجد الأكابر يقدمون نسبهم الديني على نسبهم الطيني ، لأنه علامة على معرفة قدرهم وعنوان ودليل على قدر منحهم وقوة حالهم وفتحهم إذ على قدر فتح الشيخ يكون فتح المريد وبحسب قوة حاله وتهذيبه يكون التهذيب والمزيد فمن أجل ذلك نتعرض للتعريف المختصر لاننا لا نحصي ما هنالك وكل ذلك نقلا عن جواهر المعاني .
نسبه :
أما نسبه فهو القطب الجامع والغوث الهامع الوارث الرحماني والإمام الرباني من أقامه الله في وقته رحمة في العباد وبركة ونورا في البلاد موقع نظره من خلقه وخزانة سره ومظهر نفوذ تصريفه القطب المكتوم والخاتم المحمدي المعلوم سيدي وسندي الشيخ أحمد بن محمد التجاني رضى الله عنه وأرضاه ، ولد رضى الله عنه سنة خمسين ومائة وألف بقرية عين ماضي ، ونشأ بها في عفاف وأمانة وحفظ وصيانة وتقى وديانة والتجاني نسبة إلي أخواله - وتجان - هي قبيلة معروفة في الصحراء الشرقية من بلاد الغرب الأيسر فغلبت عليهم الكنية والشهرة بها أما نسبه لأبيه رضي الله عنه كما ورد في جواهر المعاني لسيدي الشيخ علي حرا زم بن براده المغربي الفاسي رضي الله عنه : فهو شيخ الطريقة وعين الحقيقة القطب المكتوم والخاتم المحمدي المعلوم الشريف العفيف أبو العباس سيدي أحمد بن الولي الشهير والعالم الكبير والإمام القدوة النبوي الإتباع أبي عبد الله سيدي محمد الملقب بابن عمر لشدته في دينه بن المختار بن أحمد بن محمد بن سالم ابن أبي العيد بن سالم بن أحمد الملقب ( بالعلواني ) بن أحمد بن على بن عبد الله بن العباس بن عبد الجبار بن إدريس بن إدريس بن اسحق بن علي زين العابدين بن أحمد بن محمد النفس الزكية بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن آبي طالب كرم الله وجهه بن سيدتنا فاطمة الزهراء سيدة نساء أهل الجنة رضي الله عنها بنت سيد الوجود وقبلة الشهود سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمه رضي الله عنها : هي السيدة الفاضلة الزكية الكاملة الطيبة المطهرة ذات الأخلاق الكريمة والسيرة المستقيمة ( هي الحرة النفيسة السيدة عائشة بنت السيد الأثيل الولي الجليل ذو البركة الغزيرة والأنوار ، أسكنه الله مع الأبرار ووالى عليه المنة والرضوان أبو عبد الله سيدي محمد بالرفع ابن السنوسي التجاني المضاوي ) التي توفيت رضي الله عنها وأرضاها وجعل الجنة مثواها ومأواها في يوم واحد مع زوجها رضي الله عنهما بالطاعون ودفنا معا بعين ماضى سنة ست وستين ومائة وألف .
نشأته :
نشا رضي الله عنه بين أبويه الصالحين المتقدمين نشأة صالحة محفوظا بحفظ الله سبحانه وتعالي محروسا بالعناية ، كريم الأخلاق والخلال طيب النفس والفعال حفظ القرآن العظيم في صغره حفظا جيدا في سبعة أعوام من رواية نافع على الشيخ العالم الصالح الأستاذ أبى عبد الله سيدي محمد بن حمو التجاني وقرأ هو رضي الله عنه على شيخه سيدي عيسى بعكاز المضاوي وكان رجلا صالح مشهورا بالولاية .
وصفه :
أما وصف ذاته الكريمة وصورة شكله الفخيمة يتميز رضي الله عنه بوجوده العيانى كما يتميز بوصفه العرفاني .. أبيض مشرب بحمرة معتدل القامة منور الشيبة ذو صوت جهوري وصمت بهي وقدر علي حلو المنطق فصيح اللسان يعبر عن مراده في غاية البيان وهو من حفاظ أهل زمانه لما يتعاطاه من العلوم في أوانه أحسنهم مجالسة وأرفعهم مجانسة ذو مهابة وعظمة ووقار وحياء وجلالة وفخار وله رضي الله عنه مذ شب عقل تام وذكاء قوي وفهم نافذ وفطنة سريعة وفكرة قوية لا يفوته إدراك معنى من المعاني لما أنقدح في سره من النور الرباني ولا يخدع في شي منذ كان ولا يعوزه أمر من الأمور ، يدرك ما أراد إذا توجه إليه دون تعلم لقوة الذكاء وشدة التفهم يشهد له الأكابر بذلك ذلك في أصل فطرته وغزارة فطنته وكمال عقله بحيث لا يجارى في شي ولا يبارى .
كماله :
أما كماله رضي الله عنه هو تمام معرفته بالله تعالى فلا ترى أحواله وتصريحاته وتلويحا ته تحوم إلا على الفناء في الله والغيبة فيه عما سواه وشهود صفاته واسمائه وعظمته وكبرياءه وجماله وكماله فطوى في ذلك مقامات اليقين كلها من التوبة والصبر والشكر والخوف والرجاء والتوكل والمحبة والرضا وحوى صفات العارفين بأسرها من محبة الله والجمع عليه والاستناد في كل شي إليه ومن كماله رضي الله عنه أنه لا يأخذ شيئا ولو كان تافها مما يحتاج إليه ممن لا يتقي الحرام ولا يتحرى في مكسبه كل ذلك لا يفعله ولا يحب من يفعله ، وأنه رضي الله عنه كان لا يستعمل في عبادته وأمور ديانته إلا ما خلصت طهارته خلوصا تاما كاملا مبالغا في الاحتياط لدينه وإتقان عبادته التي هي وصلة بينه وبين ربه كما هو شأن الخواص من المخلصين فيتحرى من البقعة والماء أطيب محل وأصفى حل .
همته :
أما همته وورعه وزهده فكان رضى الله عنه مفرد أوانه وسيد الورعين والزاهدين في زمانه لا يجارى في ذلك شأواه ولا يدرك فيه حظواه كما لا يخاض بحر عرفانه ولا يسبق فرس ميدانه علقت همته العلية بمعالي الأمور فتجاوز الأواسط منها إلي الصدور ولا يقف عند الدون ولا يحجب عنه مصون .
له همم لا منتهي لكبارها وهمته الصغرى أجل من الدهر
وكيف تقف همة من ليس مناه إلا سيده ومولاه قد خلف وراءه كل مشتهي وان إلى ربك المنتهى فلا همة اجل منها فيها اجتمعت الهمم بأسرها ومباني الأمور عن آخرها من التنزه عن سفساف الأمور ومجافاة كل محذور ، أما رفع همته عن الخلق فكان رضي الله عنه في غاية الانقطاع عنهم إلى الله سبحانه لا يرجوا لا أفضاله وإحسانه غني عنهم بمولاه اكتفاء بما به تولاه لا يواليهم ظاهرا كما لا يشاركهم فيما هم فيه باطنا قد قطع عنهم منهم ممره ونبذ كل أحد نفعه وضره فلا يقبل أحد كائن من كان من قريب أو بعيد قليل أو كثيرا ولا جليلا ولا حقيرا حتى لا يقدر أحد أن يسومه بعطية ولا هدية ، كثير الخوف من الله متطاول الأحزان في سبيل الله وربما سمع لصدره أنين ودوى من شده خوفه لا سيما إن كان في خلوته مستغرقا في الذكر أوقات جلوته لا يشعر بمن يحضر معه في حضرته لا استغراقه في المذكور وغيبته
ورعــه :
أما وصف ورعه رضي الله كسائر خلاله يطول ولا تسعه النقول فقد بلغ في ذلك الغاية ووصل النهاية فلا تدور معاملته إلا عليه ولا تصير إلا إليه على بصيرة في سبيله ومعرفته ودليله وكان رضي الله عنه يقول أن أصل الورع اتقاء الشبهات والمداومة على أكل الحلال مع الصدق مع الله في ذلك .
زهـــده :
أما زهده رضي الله عنه فلا أعظم منه ولا أكثر مباعدة عن الدنيا وأهلها ومآثر سيدنا أبو العباس الدالة على ذلك كثيرة ودلائل قضاياه الظاهرة وأفعاله الصادرة فيه غزيرة لا يستقصى شي من جزيائتها ولا بعض مرئياتها فكان رضي الله عنه وأرضاه زاهدا في الجاه والظهور ويفر من ملاقاة ذوي الوجاهة والرياسة ويحذر من ملاقاتهم ويقول إنها فتنة في الدين ويكره أن يعرفه أحد منهم إلا أن يتخيل صدقه ويعلم أن مجيئه لله فيرجو له الخير ويعظه ويذكره وينصحه .
مناقبـــــه :
أما مناقبه رضى الله عنه فلا أحد يستوفي ما لسيدنا وشيخنا ومولانا أحمد التجاني رضى الله عنه من المآثر والآيات والمناقب والكرامات أبد الآبدين ودهر الداهرين و كلما تذكرت فضيلة وجدت فضيلة أخرى وكلما تذكرت آية رأيت أكبر من أختها إلي هلم جرا وإنما نورد صبابة منها وشظية من عدها ، فقد يكل عنها القرطاس والقلم ويعيا في طلبها اليد والقدم فهي في الناس أشهر من نار على علم وقد قال سيدي محمد فتحا النظيفي في قصيدته المسماة بالياقوتة الفريدة :
هو البرزخ الأعلى وأس الوسائل وينبوع رحمة وبحر حقيقة
لأنه بشهادة العارفين في عصره أنه خليفة النبي صلى الله عليه وسلم دون جميع الأولياء و من جملة ذلك أنه في جميع مراتبه في حضرة الحق ونسبته عند الله إلي جميع الوجود من العارفين ومن ورائهم بمنزلة إنسان العين من العين لأنه ختم الأولياء الأوحد به يرحم الوجود وبه يفيض الإفاضة على جميع الوجود وبه يبقي الوجود في حجاب الرحمة والعطف وبه يبقي الوجود في بقاء الوجود ورحمة لكل العباد وسحابة ماطرة في سائر البلاد وجوده فى الوجود حياة لروحه الكلية وتنفس نفسه يمد الله به العلوية والسفلية ذاته مرآة مجردة يشهــد كل قاصد فيها مقصده حضـرته صباغة تصبغ كل من أم له فيما توجه اليه أمله وقد ورد في الرماح توضيح بعض ذلك عن صورة برزخية القطب المكتوم المعبر عنها عند العارفين والصديقين وأفراد الأحباب وجواهر الأقطاب بجوهر الجواهر وبرزخ البرازخ والأكابر لأن الحضرات المستفيضة سبع الأولي حضرة الحقيقة الأحمدية وهي غيب من غيوب الله تعالى فلم يطلع أحد على ما فيها خص الله بها نبينا ومولانا محمدا صلى الله عليه وسلم والثانية حضرة الحقيقة المحمدية فمنها جميع مدارك الأنبياء والرسل والملائكة والمقربين والصديقين والأقطاب والأولياء والعارفين والثالثة حضرة سادتنا الأنبياء على نبينا وعليهم الصلاة والسلام على إختلاف أذواقهم ومراتبهم وأهل هذه الحضرة هم يتلقون كل ما فاض وبرز من الحقيقة المحمدية ثم قال والرابعة حضرة خاتم الأولياء الذي يتلقى جميع ما فاض من ذوات الأنبياء رضى الله عنه وعنا به آمين هو برزخ البرازخ ثم قال والخامسة حضرة أهل طريقته الخاصة بهم ثم قال والسادسة الحضرة التي فيها حضرات ساداتنا الأولياء رضى الله عنهم جميعهم وهي مستمدة من حضرة خاتمهم الأكبر جميع ما نالوا ثم قال والسابعة الحضرة التي فيها حضرات تلاميذهم أنظره فقد بين سبع دوائر على ترتيب الحضرات وقال فى ( الجواهر) قال سيدنا رضى الله عنه : نسبة الأقطاب معي كنسبة العامة مع الأقطاب ، لأن مقامه في غيب الغيب لا علم لهم به لا دنيا ولا أخري والسلام .
ولله در مادحه حين قال :
وتفصيـــل أوصاف لــــه متعــــذ ر فكيـــف يطلـــق مدحه فاقبلن عـــذري
عليــه رضـا الرحمن ما حن عاشـق لرؤيـا سنـاء فــي محاسنــه الغــــــــر
وصلى الله علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم
( سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ) .